المنارة / pharos

المنارة / pharos



المنارة pharos


المنارةالمنارة نوع عرف على السواحل المصرية قبل عصر الاسكندر الاكبر وتعتبر منارة الاسكندرية من عجائب الدنيا السبع القديمة وقد بناها المهندس سوستراتوس sostratos  من كنيدوس ، خلال عصر الملك بطلميوس الثانى حوالى 285: 246 ق.م وقد عرف هذا المهندس عموما على انه أبو المنارات .

وسواء اكتسبت الجزيرة اسمها من المنارة المبنية عليها او ان المنارة اكتسب اسمها من الجزيرة فهذا غير مؤكد فكلمة فاروس كانت تطلق على المنارة فى جميع اللغات .

فالمنارة فى اللاتينية بمعنى
Pharus وفى اللغة اليونانية Φάρος وفى اللغة الأسبانية والايطالية faros  ، والفرنسية fare وكلمة pharos  تستخدم كثيرا فى الانجليزية .

وكما سبق القول فقد قام المهندس سوستراتوس ببنائها واذن له الملك البطلمى بنقش اسمه على هذا الصرح كنوع من الاعتراف بالفضل وقد صاغ الاهداء الى الالهه لهؤلاء الذين يسافرون بواسطة البحر .

 وفيما يتعلق بهذا النقش فان المؤرخين قد أكدوا ان المهندس سوستراتوس الذى كان على علم تام بأساليب الولاة انذاك خشى ان يحولوا المبنى الى نصب تذكارى ليس له ولكن لولى نعمته الملك ولذلك بمجرد انتهائه من هذا النقش .
السابق ذكره قام بتغطيته واخفائه بطبقة جصية وفوقها قام بنقش عبارات اخرى يمتدح فيها الملك فيلادلفوس ولكن سرعان ما تلاشى هذا الجزء من الجص بفعل وتأثير مياه البحر وظهر النقش الأصلى .

وقد قام الرومان بتقليد منارة الاسكندرية مباشرة فى مناراتهم مثل منارة
carthage و ostia  وفى أيامنا الحاضرة مازالت توجد منارات مشابهة لمنارة الاسكندرية تعتمد فى اضاءتها على النيران المنبعثة .

والخطر الوحيد لمثل هذه المنائر هو ان هذه النيران المنبعثة منها تظهر من بعيد وعلى سبيل الخطأ وكأنها نجوم .

وقد وصف يوليوس قيصر مدينة الاسكندرية عند استيلائه عليها فى اواخر العصر البطلمى فقال ان منارة الاسكندرية برج مرتفع جدا ومشيد تشييدا جميلا اخاذ وهذا البرج قائم على جزيرة فاروس الواقعة تجاه مدينة الاسكندرية وهى متصلة بالشاطئ بواسطة طريق ضيق مشيد فى البحر من الاحجار المنقولة من محاجر المكس ويعترض هذا الطريق كوبرى ضيق محصن .

ولا يفوتنا فى هذا المقام ما ذكره أبو الحجاج يوسف بن محمد البلوى الملكى الأندلسى المعروف بابن الشيخ والذى عاش فى الفترة من 1132: 1207 وزار الاسكندرية فى عام 1165: 1166 م فى كتابة "الفباء" حيث ذكر فى الجزء الثانى منه وصفا لمنارة الاسكندرية .

وبالرغم من تعدد الأبحاث التى تناولت شكل هذه المنارة الا ان دراسة العالم تيرش thiersh عن هذا الشكل يعتبر من اهم المراجع الان نظرا لاعتماد دراسته ايضا على مبانى مشابهه لشكل المنارة مثل بقايا المنارة بالقرب من أبو صير taposiris magna  بمريوط والتى تعتبر صورة مصغرة من منارة pharos بالرغم من انها اقل بكثير منه فى الثراء وفى الزخارف .

وكذلك نجد شكل المنارة ممثلا على احد الفوانيس الرومانية المعروضة بالمتحف الرومانى ، هذا فضلا عن تمثيل المنارةعلى العديد من عملات العصر الامبراطورى الرومانى وبخاصة عملات من عصر الامبراطور دوميشيان وحتى نهاية القرن الثانى الميلادى .

وصف المنارة :



فى القرن الثالث عشر الميلادى أكد الجغرافى العربى الأدريسى ان المنارة كانت ترتفع حوالى 600 قدم حوالى 135 م بينما أكدت مصادر أخرى ان ارتفاعها قد يصل الى 590 قدم وعموما فمهما كان ارتفاعها وأبعادها فأنه مما لاشك فيه انها كانت صرحا شامخا معجزا .

أولا : البناء الخارجى :
أقيمت المنارة على قاعدة واسعة مربعة وكان المدخل لهذه المنارة من الجهة الجنوبية ويؤدى الى هذا المدخل درج وقد شيدت المنارة على الطراز البابلى على هيئة ثمانية أبراج كل فوق الاخر وكل منها أصغر حجما من الذى أسفله " النظام الهرمى " .

الطابق الأرضى ارتفاعه 60 م ، مربع الشكل به نوافذ عدة عريضة مزخرفة وحجرات يبلغ عددها 300 حجرة حيث كانت توضع الالات ويقيم العمال وينتهى هذا الطابق بسطح فى جوانبه أربعة تماثيل ضخمة من البرونز تمثل
Triton  ابن neptun  اله البحار .

الطابق الثانى مثمن الاضلاع ارتفاعه حوالى 30 م والطابق الثالث مستدير الشكل وبداخل البناء سلم حلزونى وربما كان هذا السلم مزدوجا ويتوسطه اله رافعة تستخدم فى نقل الوقود الى المنارة وهناك رأى أخر بان السلم كان من الاتساع بحيث يسمح لدواب الحمل نقل الوقود الى اعلاه .


ثانيا : المجمرة

فى قمة المنارة كانت توجد مجمرة عظيمة يخرج منها عامود من النار يظل مشتعلا بصفة مستمرة طوال الليل ويتحول الى عامود دخان أثناء النهار ولتزويد هذه المجمرة بالوقود فأن المهندس العبقرى


فى قمة المنارة كانت توجد مجمرة عظيمة يخرج منها عامود من النار يظل مشتعلا بصفة مستمرة طوال الليل ويتحول الى عامود دخان أثناء النهار ولتزويد هذه المجمرة بالوقود فأن المهندس العبقرى سوستراتوس 
 .
قد صمم طريقة مذهلة وهى عبارة عن مسطح مائل يرتفع ببطئ شديد متسلقا النصف الأسفل من المبنى حاملا عليه الخيول المحملة بالوقود بل وحتى كان من الممكن ان يكون محملا بعربات خشبية تجرها خيول تحتوى على الوقود ثم ينقل الوقود بعد ذلك الى المجمرة عن طريق روافع .


ثالثا : البناء الداخلى  



أما عن الجزء الداخلى للمنارة او ما يوجد فى باطنها فمعلومتنا قليلة للغاية وعموما فانه يقال انها كانت تتكون من 300 حجرة فسيحة يسكنها حامية مسئولة عن المنارة .

وطبقا لما يقوله ويرويه العرب الأوائل فأن المنارة كانت مبنية من أساس من الزجاج وقيل ان المهندس
sostratos  قبل ان يقرر نوع المادة التى سوف يستخدمها كأساس قام باختبار أنواعا مختلفة من الاحجار والطوب والجرانيت والذهب والفضة والنحاس والرصاص والحديد والزجاج وكل أنواع العناصر والمعادن الاخرى .

 واجرى عليها اختبارات مختلفة فوجد ان الزجاج هو افضل هذه العناصر والمعادن جميعها وهو الوحيد الذى يصلح كأساس بالمقارنة بجميع هذه العناصر الاخرى والمعادن ولذلك فقد استخدمت كتل ضخمة من الزجاج لتكون اساسا للمنارة .

رابعا : المرآة


فى القرن السابع كانت المرآة الضخمة التى توجد فى المنارة تعتبر من أروع وأعظم معالمها بل أكدت بعض الأساطير أنه كان من الممكن خلال هذه المرآة رؤية ومشاهدة كل ما هو موجود فى مدينة القسطنطنية والتى
كانت تبعد عنها بمسافة كبيرة وانه ايضا كان من الممكن ان تعكس هذه المرآة الضخمة أشعة الشمس .

 فتتسبب فى حرق كثير من السفن التى تعبر أمامها فى البحر على بعد 100 ميل وعلى ذلك فأنه يمكن القول طبقا للرواية العربية ان
sostratos بواسطة هذه المرآة والمجمرة الضخمة التى فى قمة المنارة قد استطاع ان يتح كمية كبيرة من الضوء أقوى وأعظم وأكثر اختراقا من أى منارة أخرى فى كافة العصور وحتى الحديثة جدا منها .

 وان أفكاره هذه كانت تعتبر أول تفكير فى التاريخ بالنسبة لنظرية العدسات وقبل اختراعها بزمن طويل .
ومن المعروف ان المرايا فى العالم القديم كانت تصنع من ألواح من المعادن اللامعة ولكن يقال ان مرآة هذه المنارة بالذات كانت مصنوعة من حجر شفاف فى الغالب هو الزجاج وهذا هو ثابت فعلا .

وكانت هذه المرآة من الضخامة بحيث ان الرجال الذين أنزلوها من مكانها بعد ان استمرت الالاف من السنين فى ارشاد السفن لم يستطعوا ان يعيدوها الى مكانها مرة اخرى ويقولون ان الجالس تحتها يمكنه رؤية المراكب التى تبحر فى البحر على بعد لا يمكن رؤيتها فيه بالعين المجردة فهى فى هذه الحالة أشبه بمنظار مكبر بما يجعلنا نظن انه ربما توصل علماء الاسكندرية الى طريقة صنع العدسات . 



مصير المنارة وكيف تم انهيارها :



نجد ان المنارة بقيت تؤدى وظيفتها على أكمل وجه حتى الفتح العربى فى عام 641 م وفى سنة 673 هـ زار بيبرس الاسكندرية للمرة الرابعة وجدد منارة رشيد وكانت منارة الاسكندرية قد تهدم أعلاها وتصدع بناؤوها وأذنت بالانهيار فأمر بترميمها وتجديد ما تهدم منها وأقام أعلاها مسجدا فى المكان الذى كانت تشغله قبة أحمد بن طولون التى أقامها بعد ان تهدم الجزء العلوى من المنارة على أثر زلزال عام 180 هـ .

الا انه حدث فى عام 700 هـ ان سقط المصباح وهناك قصة شائعة تروى فى هذا الصدد وهى ان احد أباطرة العصر البيزنطى هو الذى أوعز باسقاط المصباح عندما أراد مهاجمة مصر اذ وجد انه من العسير مهاجمتها بسبب المرآة التى كانت ترشد عن السفن .

 وهى فى عرض البحر وبالتالى يمكن تدميرها قبل الاقتراب من الشاطئ فأرسل رسولا الى الخليفة ليخبره ان كنز الاسكندرية مخبأ تحت مصباح المنارة فبدأ الخليفة فى هدمها وقبل ان يتدخل أهل الاسكندرية لمنعه كان الطابقان العلويان قد هدما .

أما بالنسبة للسلطان " الناصر محمد بن قلاوون " فقد اتبع سياسة بيبرس فى العناية بثغر الاسكندرية .
ففى الاسكندرية حدث زلزال عنيف فى عام 702 هـ سبب تهدم كثير من اثار الاسكندرية ومنارتها وسورها وأبراجها فكتب السلطان الى والى الاسكندرية يأمر بترميم ما تهدم .

على ان العناية بترميم المنارة كانت غير كافية اذ اننا نستدل من وصف ابن بطوطة لهذه المنارة عام725 هـ على ان أحد جوانبه كان مهدما .

 ويبدو ان سبب ذلك يرجع الى ان الناصر قد أزمع اقامة منارة جديدة ازاء المنارة القديمة ، فأهمل المنارة القديمة حتى نالت ما نالته من تخريب ، فلما زار ابن بطوطة مصر عند عودته الى المعرب 750 هـ / 1349 م وصفها بقوله وجدتها قد استولى عليها الخراب بحيث لا يمكن دخولها ولا الصعود الى بابها .

وكان الملك الناصر محمد قد شرع فى بناء منارة مثلها ازاءها فعاقة الموت عن اتمامها ولاشك ان الناصر محمد كان يودان ان يحقق هذا المشروع فمات دون ان يتمه .

 واتجه سلاطين المماليك من بعده واقاموا المنارة الصغرى عند رأس لوخياس المواجهة للمنارة القديمة ، وفى عام 880 هـ قام ابن طولون بترميم المنارة اذ انشأ قبة خشبية فى اعلاها 262 هـ _ 875 م كما رمم ابنه خمارويه ما كان قد تهدم من قوائمها الغربية .



pharos

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كون مثقفاً / كيف تكون مثقف ؟

فن التصوير والزخارف لدى المصريين واليونانيين / مصر واليونان